إنَّ ضيق الشريان الاورطى للاطفال هو عيب خِلْقِى شائع الحدوث و ظاهر للعَيَان منذ الولادة . يتميز هذا العيب بوجود انبعاج داخلى / نقرة فى جدار قوس الشريان الأورطى ( مما يُكسِب الجزء المجاور شكل انحناء أو قوس أو تحدب إضافى ) و ضيق فى تجويف الشريان الأورطى ، فى موضع واحد منه أو على امتداد أحد أجزائه ؛ مما يؤدى إلى إعاقة سريان الدم بصورة طبيعية عبره .
المحتويات
من هم المُصابون بضيق الشريان الاورطى للاطفال ؟
نسبة حدوث ضيق الشريان الأورطى هى حالة من كل ٠٠٠ ١٠٫ مولود ، و يشغل هذا العيب ٥ إلى ١٠ ٪ من إجمالى عيوب القلب الخِلقية . ليس من المألوف ، و لكن من الممكن تشخيص هذا العيب لدى البالغين .
ما هى الآثار البعيدة المدى لضيق الشريان الاورطى للاطفال ؟
يؤدى ضيق الشريان الاورطى للاطفال فى ارتفاع ضغط الدم ، و بالتالى تتولد المضاعفات عادة ، عند ترك هذا الضغط المرتفع بدون علاج لفترة طويلة . من أكثر المضاعفات خطورة : السكتة القلبية ، قصور مُبَكِر فى الشريان التاجى ، تمدد / انتفاخ فى شرايين المخ ، أو انفجار الشريان الأورطى . أما إذا كان الضيق فى الشريان شديدا مع بقاء ضغط الدم بدون علاج لمدة طويلة ؛ فقد تتطور المضاعفات لتصل إلى حد الفشل الكلوى و الكبدى . و بالرغم مما ذُكِر آِنفاً ؛ فهناك العديد من المرضى البالغين المُصابين بهذا العيب ، و لكن لم يسبق تشخيصه لديهم ، إلى أن يُكتشف مصادفةً عند فحصهم للتأكد من ارتفاع ضغط الدم .
من ناحية أخرى ، وُجِدَ أنّ أكثر من نصف حالات ضيق الشريان الاورطى للاطفال تكون مُصَاحَبَة بالعيب الخِلقِى فى الصمام الأورطى المُسَمَّى ( الصمام الأورطى الثنائى التسنين ) . و بمرور الوقت ، تسوء عادةً حالة الصمام مما يستدعى إصلاحه أو استبداله عن طريق الجراحة . بالإضافة إلى ذلك ؛ يُعتبر هؤلاء المرضى المصابون بعيب فى الصمام الأورطى الأكثر عرضة للتعرض إلى تمدد فى جدار الشريان الأورطى ( بسبب ضعف جداره ، مما يؤدى إلى بروزهذا الجزء و بالتالى تزداد احتمالية انفجاره ) .
ما هى أعراض ضيق الشريان الاورطى للاطفال ؟
ترتبط الأعراض بدرجة ضيق الشريان الأورطى . ففى حالات الضيق الشديدة يتم التشخيص مبكرا بعد الولادة مباشرة ؛ أو خلال الشهور التالية لها . أما إذا كان العيب صغيرا ، فقد يظل المريض بدون أى أعراض حتى يصبح بالغاً . تتمثل الأعراض لدى البالغين فى صورة : عدم القدرة على أداء التمارين ، ألم بالرأس ( صداع ) ، عدم القدرة على التنفس بعمق ، ألم بالصدر ، نزف من الأنف ، برودة القدم و ألم بالساق بعد بذل المجهود ، و عدم القدرة على خفض ضغط الدم العالى .
كيف يُشَخَّص ضيق الشريان الاورطى للاطفال ؟
يُصيب ضيق الشريان الأورطى الجزء الفاصل بين انبثاق الشرايين المُغذية للجزء العلوى والشرايين المغذية للجزء السفلى من الجسم . و نظرا لموقع هذا التحدب ، يؤدى الضيق فى الشريان الأورطى بالتالى إلى ارتفاع ضغط الدم فى الذراعين و الجزء العلوى من الجسم ؛ بينما يقل الضغط فى الجزء السفلى من الجسم و الساقين . و يُعْتَبَر هذا الإختلاف فى مستوى ضغط الدم السِمَة المُمَيِّزَة لتشخيص هذا التحدب الأورطى . أما علامات التشخيص الأخرى فتتمثل فى : اختلاف قوة النبض بين الرقبة و منطقة الأرْبِيَّة ( منطقة أعلى الفخذ عند ثنية البطن ) ، و كذلك استماع الطبيب عند الفحص ، للغط خشن النبرة ؛ عند وضع السماعة على ظهر المريض .
من أجل تقييم مدى شدة هذا العيب ، يستعين طبيب القلب بعدة فحوصات لتقييم الحالة بصورة تفصيلية . تشمل هذه الفحوصات :
- رسم القلب الكهربائى
- أشعة على الصدر
- الموجات فوق الصوتية على القلب
- الأشعة المقطعية على الصدر
- الأشعة بالرنين المغناطيسى على الصدر
- قسطرة للقلب
كيف يُعالج ضيق الشريان الاورطى للاطفال ؟
قبل العشرين عام الماضية ، لم تكن هناك أى وسيلة متوافرة لعلاج هذا العيب سوى الجراحة ، و التى ما زالت تُعتبر العلاج الذهبى لهذه الحالات . إلا أنّه قد استُحْدِثَت الآن طرق أخرى لعلاج هذا التحدب لدى البالغين ، مثل : توسيع الشريان الأورطى بجهازالبالون ، تركيب دُعامة ، ترقيع الدُعامة ، أو علاج مُخْتَلط يشمل مزيجا من هذه الطرق ( مثل اقتران الجراحة المفتوحة مع الترقيع بالدُعامة ) . يتوقف انتقاء وسيلة العلاج المناسبة على الحالة العامة للمريض ، حجم و شدة التحدب ، مصاحبة التحدب بانتفاخ فى جدار الشريان الأورطى أو بخلل فى الصمام الأورطى ، وكذلك موقع العيب بالتحديد .
الجراحة المفتوحة
إذا كان ضيق الشريان الأورطى صغير الحجم نسبيا ، يقوم الجراح باستئصال هذا الجزء الضيق و إعادة توصيل طرَفَىّ الشريان . تسمى هذه العملية ” إعادة توصيل النهايات ” ، وهى أفضل الطرق لعلاج هذه الحالة .
أما الجراحات الأخرى فتشتمل على أنواع عديدة من عمليات الدوران حول ( أى عمليات تجاوز أو تفادى ) العيب مثل : عملية تركيب رقعة فى الشريان الأورطى و تثبيتها بالحياكة ؛ بهدف تحويل مجرى الدم من الجزء الضيق للشريان إلى المنطقة المحيطة به . و فى حالة مُصاحبة هذا الضيق في الشريان الأورطى بعيب خِلقِى فى الصمام الأورطى ، يتم إجراء عملية تحويل مجرى الدم مقترنة بعملية إصلاح أو تغيير الصمام التالف .
التوسيع بجهاز البالون الداعم للشريان الأورطى ، مع أو بدون تركيب دُعامة
هو إحدى الإختيارات البديلة للجراحة لعلاج ضيق الشريان الاورطى للاطفال ؛ كما أنها الطريقة المُفَضَّلة للعلاج فى بعض المراكز الطبية . تُماثل هذه الطريقة علاج الشريان التاجى بجهاز البالون الأورطى الداعم للقلب .
مُعاودة ضيق الشريان الأورطى بعد العلاج
تشمل المضاعفات المتأخرة بعد علاج هذا العيب : معاودة التحدب ( أى الضيق من جديد فى تجويف الشريان الأورطى ) ، تكوُّن انتفاخات حقيقية فى جداره ، أو انتفاخات كاذبة ( ناتجة من تجمع الرشح داخل الجدار ) .
تتراوح نسبة معاودة الضيق فى الشريان الأورطى بعد العلاج الجراحى بين ٥ إلى ١٠ ٪ ؛ بينما تبلغ هذه النسبة بين ١١ إلى ١٥ ٪ بعد استعمال العلاج بالتوسيع بجهاز البالون الداعم للشريان الأورطى فقط أو مع تركيب الدعامة . إلّا أنّه يجدر القول أنّ النتائج بعيدة المدى لنسب النجاح و المخاطر و المضاعفات لعمليات التوسيع بجهاز البالون الداعم للشريان الأورطى أو المقترنة بتركيب دعامة ؛ غير متوافرة حتى الآن .
فى حالة ظهور أىّ من المضاعفات المتأخرة ، و من أجل الحصول على أفضل فرص للشفاء ، يُعْتبَـر تحويل المريض إلى مركز الشريان الأورطى أمر حيوى ، من أجل تقييم حالته و كذلك علاجه على أكفأ وجه ؛ نظرا لما يمتلكه هذ النوع من المراكز المتخصصة لكافة وسائل العلاج : ابتداءا من تركيب الدعامات و انتهاءا بإعادة الجراحة إن لزم الأمر .
المتابعة الدورية
ينبغى على كافة مرضى ضيق الشريان الأورطى ، الذين تم علاجهم ، الإلتزام بالمتابعة السنوية بانتظام ؛ لدى الطبيب المتخصص فى عيوب القلب الخِلقية ، حيث يتم قياس ضغط الدم و إجراء الفحص الإكلينيكى . بالإضافة إلى ذلك تتم المتابعة الدورية أيضا بإجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية الملونة ( الدوپلر ) و الرنين المغناطيسى ؛ بصورة منتظمة مرة كل سنتين و حتى خمس سنوات .
تُرفع كافة القيود لممارسة النشاط البدنى من على المرضى الذين تم علاجهم ، إذا كان ضغط الدم لديهم فى المستوى الطبيعى . أما إذا كان ضغط الدم ما زال مرتفعا فيُنصح هؤلاء المرضى بالإمتناع عن بذل أى مجهود بدنى أو عضلى عنيف .