تعد عيوب القلب الخلقية أكثر عيوب الاجنة الخلقية شيوعا. وذكر د. جيرارد مارتن، اختصاصي أمراض القلب والمدير الطبي للمركز الوطني لطب الأطفال في واشنطن، ان الاحصائيات العالمية تشير الى اصابة 1 من بين كل 100 مولود بعيوب القلب الخلقية.
قال د. جيرارد مارتن «هناك انواع كثيرة من هذه العيوب التي تختلف وفق حدتها واثرها الصحي في الطفل، حيث تتراوح ما بين حالات بسيطة الى حالات معقدة قد تسبب الوفاة مباشرة بعد الولادة. ولا تحتاج جميعها للعلاج الجراحي، بل يقدر ان 4 من كل 10 مصابين سيحتاجون للخضوع لعملية جراحية او قسطرة قلبية خلال اول سنة من الحياة.
ولا يعرف سبب اصابة بعض الأجنة بهذه التشوهات الخلقية دون الآخرين، فلم يتوصل العلم الى اكتشاف السبب الدقيق. ولكن يعرف ارتباط بعضها بمشكلات جينية (صبغية)، مثل متلازمة داون. كما يزداد خطر إصابة الجنين بتشوهات وعيوب القلب لدى الحامل المصابة بالسكري أو من تتناول بعض أنواع الأدوية أو الكحول او التدخين. كما للوراثة دور، لذا ترتفع فرصة اصابة الجنين بعيب قلبي ان كان لديه قريب من الدرجة الاولى مصاب بعيوب القلب الخلقية، أو كان لدى أحد الأبوين تاريخ عائلي للإصابة بهذا المرض».
المحتويات
عوامل الخطر
- العوامل البيئية: اثبتت الدراسات ان تأثيرها ليس كبيرا كما كان يعتقد. فهي السبب في 1 – %2 من تشوهات قلب الجنين. ومن ضمنها تناول الحامل الكحوليات والمخدرات وبعض انواع العقاقير والتدخين والاصابة بالتهابات تناسلية كالروبلا.
- الوراثة والجينات: اثبتت دراسات علم الجينات أنها السبب في %20 – 25% من حالات تشوه قلب الاجنة. مما يؤكد نظرية تشابه الخريطة الجينية في الكويت وارتفاع نسبة اصابة الاجنة بأنواع معينة ومعقدة من تشوهات القلب الخلقية.
ليست أكثر انتشاراً
يشيع اعتقاد محلي في الكويت يزعم انتشار وتزايد عدد حالات تشوهات قلب الجنين خلال السنوات الاخيرة. ولكن د. جيرارد له رأي مختلف حول هذا الموضوع. وشرح قائلا «نظرا الى انتشار زواج الاقارب في الشرق الاوسط يعتقد البعض بأن ذلك يسهم في انتشار امراض تشوهات القلب الخلقية. ولكن الامر يعزى الى تشابه جينات قاطني هذه المنطقة واختلافها بشكل عام عن جينات البشر في مناطق العالم الاخرى مثل اوروبا. حيث أظهرت الدراسات الجينية ان خريطة الجينات في الشرق الاوسط تتميز بانتشار جينات معينة خاصة بها.
اما بالنسبة لتشوهات القلب الخلقية، فنسبة الاصابة بها في تزايد عالميا وليس خليجيا فقط. لكن يجب ادراك ان هناك 120 نوعا من التشوهات التي تحدث في بنية القلب. وفي اميركا تزداد نسبة الاصابة بالتشوهات الخفيفة والبسيطة. بينما يلحظ ان غالبية الحالات في الكويت هي من نوع تشوهات القلب المعقدة. وغالبا ما ترافقها مشكلات صحية اخرى نتجت عن تشوهات القلب مثل بطء نمو الجنين أو مشكلات دماغية».
حالات معقدة وأخرى بسيطة
يتكون القلب من 4 غرف و4 صمامات. وفي القلب السليم يجب ان تكون كامل هذه الغرف مغلقة ويتصل بعضها ببعض عن طريق صمامات تسمح بجريان الدم بينها بكل سلاسة. وفي حالة اصابة القلب بعيب او تشوه، فيمكن تقسيمه الى نوعين:
1 – تشوهات خفيفة: مثل وجود ثقب بين غرفتين في القلب او وصلة بين شرايين.
2 – تشوهات معقدة: سببها وجود عدة عيوب مثل ثقب وانسداد او ضيق في عدة شرايين، او وجود شرايين في اماكن غير طبيعية او عدم تكون احدى الغرف او انسدادها.
تطور طرق العلاج
لكل حالة خطة العلاج المناسبة لها. لذا، من المهم تشخيص كل مصاب بشكل دقيق حتى يحصل على العلاج المناسب. فهناك حالات لا تحتاج الى أي علاج بل للمتابعة الطبية فقط، بينما يمكن علاج حالات كثيرة عبر اجراءات التدخل المحدود (القسطرة القلبية التداخلية). لكن يبقى التدخل الجراحي علاجا ضروريا لإصلاح عيوب القلب الشديدة والخطرة، وقد يشمل ذلك خضوع الطفل لسلسلة من العمليات وليس لواحدة فقط.
وحول العلاج، شرح الدكتور «حصل تحسن كبير في نسبة نجاة وشفاء المصابين بتشوهات القلب الخلقية. فمنذ عام 1938 الذي تمت فيه أول عملية لعلاج تشوهات القلب، تطورت التقنيات وطرق العلاج كثيرا الى اليوم. ففي سنوات التسعينات كان %60 من المرضى يعيشون وتستمر حياتهم، بينما ادى الاكتشاف المبكر وتحسن العلاج الى نجاة واستمرار حياة %97 منهم. لكن كثيرا من الحالات كانت تتدهور صحتها سريعا وتنتهي بالوفاة.
ورغم عدم ظهور علاج جديد خلال اخر 10 سنوات، فان السجلات الصحية تظهر التحسن في جودة حياة وطول عمر المرضى حاليا. ويعزى ذلك الى حدوث تحسن كبير في طرق التعامل ورعاية المرضى. مثل تخصيص فريق طبي متكامل يهتم برعاية هذه الفئة وتوفير عدة خدمات خاصة بها».
ما بعد العملية
دلت الدراسات الى أن كثيرا من حالات وفيات الاطفال المصابين بالتشوهات القلبية تحدث خلال فترة قصيرة من خروجهم من المستشفى عقب عملية قلب ناجحة. وعزا الباحثون ذلك الى قلة ثقافة الوالدين بطرق الرعاية المثلى للطفل المصاب في المنزل وكيفية التعامل مع المخاطر والاعراض المقلقة، بالإضافة الى افتقارهم للدعم الطبي. لذا، ازداد تركيز الاطباء خلال السنوات الاخيرة على هذا الجانب. واعتبر التثقيف الطبي لأولياء الامور حجرا اساسيا في علاج المصابين، مما شدد على الطبيب لتخصيص وقت لتعليم الوالدين وزيادة وعيهم بأعراض الخطر التي تتطلب سرعة العلاج، واخذ الطفل لغرف الطوارئ او الطبيب المعالج. واسهم هذا التوجه في خفض معدل الوفاة بنسبة %44 مقارنة بالسابق.
عمليات تجرى أثناء الحمل
تنشر بين كل حين وآخر اخبار تشير الى اجراء عملية جراحية اثناء وجود الجنين في رحم الحامل. وحول هذا الموضوع علق الدكتور، قائلا «هناك 2 – 3 حالات عيوب قلب خطرة تهدد حياة الجنين وتسبب وفاته قبل الولادة، أو ضعفه بحيث لن يتحمل تعب عملية الولادة. لذا، ابتكر الاطباء تقنيات تجرى عبر القسطرة الجراحية وتهدف الى علاج قلب الجنين اثناء وجوده في الرحم. مثل ان يقوم الجراح بالوصول الى قلب الجنين حتى يفتح غرفة القلب المغلقة او يوسع صماما ضيقا. بيد ان معدلات نجاح هذه العمليات الجراحية ليس ثابتا ولا تزال محدودة النطاق وقيد البحث. وتنصح بها حالات قليلة جدا، وليست لجميع الحالات».
أعراض خطر
ظهور اي من الاعراض التالية على الطفل الصغير (المولود) قد يدل على معاناته من مشكلة في القلب، مما يشدد على ضرورة أخذ الطفل الى غرف طوارئ المستشفى سريعا:
- التنفس السريع
- عدم الرضاعة او الاكل او الشرب
- القيء والاستفراغ
- الوهن والتعب الشديد
- انخفاض الوزن
متى يشخص الخلل؟
حول طرق التشخيص قال د. جيرارد «أسهم التطور في طرق تشخيص تشوهات قلب الجنين الى اكتشاف الحالات مبكرا مما اسهم في تحسين رعاية المرضى وعلاجهم. ويقدر ان %40 من الحالات تكتشف عبر فحص السونار اثناء الحمل. وتزداد فرصة الاكتشاف ودقة التشخيص عند قصد طبيب خبير في السونار. ويمكن تصوير قلب الجنين بدءًا من الأسابيع 12 – 14 في فترة الحمل، بيد ان التشخيص الدقيق لصحة قلب الطفل يجرى خلال الأسابيع 16 – 20 من الحمل. وغالبا ما تتقدم وتتضح مشكلات قلب الجنين مع تقدم الحمل. لذا، فالمتابعة خلال الحمل أمر مهم، لأن تشخيص الاصابة مبكرا يساعدنا على الاستعداد وتقديم علاج افضل للجنين المصاب، قبل وأثناء وبعد الولادة، مما يحسن فرص نجاح علاجه وشفائه».
إعداد د. خلود البارون –
https://alqabas.com/article/682786 :إقرأ المزيد